للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] [مَسْأَلَةٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

مَسْأَلَةٌ: (أَرْكَانُ الْحَجِّ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ).

وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ أَرْكَانَ الْحَجِّ هِيَ أَبْعَاضُهُ وَأَجْزَاؤُهُ الَّتِي لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهَا، فَمَنْ أَخَلَّ بِبَعْضِهَا لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ، سَوَاءٌ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهَا، بِخِلَافِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا تَجِبُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَتَسْقُطُ مَعَ الْعَجْزِ، وَسَبَبُ الْفَرْقِ: أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَمْكَنَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَإِنَّهُ لَا نِيَابَةَ فِيهَا.

وَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ فُصُولٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨] وَكَلِمَةُ " إِذَا " لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا كَقَوْلِهِمْ: إِذَا احْمَرَّ الْبُسْرُ فَأْتِنِي، وَلَا يُقَالُ: إِنِ احْمَرَّ الْبُسْرُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ ظَرْفٌ لِمَا يَسْتَقْبِلْ مِنَ الْأَفْعَالِ، وَتَتَضَمَّنُ الشَّرْطَ فِي الْغَالِبِ، فَإِذَا جُوزِئَ بِهَا كَانَ مَعْنَاهُ إِيقَاعَ الْجَزَاءِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الْفِعْلُ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَإِلَّا خَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ ظَرْفًا.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِفَاضَةَ مِنْ عَرَفَاتٍ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، فَالْإِخْبَارُ عَنْ وُجُودِهَا يَكُونُ أَمْرًا حَتْمًا بِإِيجَادِهَا نَحْوَ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضُ النَّاسِ وَكُلُّهُمُ الْإِفَاضَةَ، وَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ: إِذَا صَلَّيْتَ الظُّهْرَ فَافْعَلْ كَذَا.

وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩] الْآيَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: " «كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>