للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الْإِحْلَالِ لِأَجْلِ سَوْقِ الْهَدْيِ، فَثَبَتَ الْحُكْمُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَمَنْ قَدِمَ قَبْلَ الْعَشْرِ لَا يُشْبِهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمُدَّةَ تَطُولُ فَيُخَافُ أَنْ يَمُوتَ الْهَدْيُ، أَوْ يَضِلَّ، أَوْ يُسْرَقَ ; وَلِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى الْمُضَحِّيَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ شَعْرِهِ أَوْ بَشَرِهِ»، فَالْمُتَمَتِّعُ الَّذِي مَعَهُ الْهَدْيُ أَوْلَى أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرَهِ، وَمَا قَبْلَ الْعَشْرِ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِمَنْعِ الْمُضَحِّي، فَجَازَ أَنْ لَا يَكُونَ وَقْتًا لِمَنْعِ الْمُهْدَى.

وَلِأَنَّ الْعَشْرَ مِنْ أَوَّلِ أَوْقَاتِ النُّسُكِ وَفِيهَا تُضَاعَفُ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ، وَشُرِعَ التَّكْبِيرُ الَّذِي هُوَ شِعَارُ الْعِيدِ، وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الَّتِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهَا عَلَى مَا رَزَقَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَلَهَا خَصَائِصُ كَثِيرَةٌ، فَجَازَ أَنْ يُؤَخَّرَ النَّحْرُ وَالْحِلُّ فِيهَا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا.

وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَنْحَرُ الْهَدْيَ قَبْلَ الْعَشْرِ، وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ دَمَ الْمُتْعَةِ لَا يُنْحَرُ إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ، وَإِنَّمَا فَائِدَةُ النَّحْرِ جَوَازُ إِحْلَالِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ.

وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَحْكِي رِوَايَةً: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: لَوْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا فَهَلْ يَنْحَرُ الْهَدْيَ قَبْلَ الْعَشْرِ؟ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ؟

وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى: اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ بِذَلِكَ.

وَهُمْ وَإِنْ قَدِمُوا فِي الْعَشْرِ لَكِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّلَ بِعِلَّةٍ عَامَّةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>