للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إِنَّهُ خَصَّ بِهَذَا الِاسْمِ قُزَحَ ; لِأَنَّهُ أَخَصُّ تِلْكَ الْبُقْعَةِ بِالْوُقُوفِ عِنْدَهُ وَالذِّكْرِ، وَغَلَبَ هَذَا الِاسْتِعْمَالُ فِي عُرْفِ النَّاسِ حَتَّى إِنَّهُمْ لَا يَكَادُونَ يَعْنُونَ بِهَذَا الِاسْمِ إِلَّا نَفْسَ قُزَحَ، وَإِيَّاهُ عَنَى جَابِرٌ بِقَوْلِهِ - فِي حَدِيثِهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَى حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَا اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَكَثِيرًا مَا يَجِيءُ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ يُعْنَى بِهِ نَفْسُ قُزَحَ.

وَأَمَّا فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ: فَهُوَ غَالِبٌ عَلَيْهِ، وَنِسْبَةُ هَذَا الْجَبَلِ إِلَى مُزْدَلِفَةَ كَنِسْبَةِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ إِلَى عَرَفَةَ.

إِذَا تَبَيَّنَ هَذَا: فَإِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَقِفَ النَّاسُ غَدَاةَ جَمْعٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ، وَيَدْعُونَهُ كَمَا صَنَعُوا بِعَرَفَاتٍ إِلَى قُبَيْلِ طُلُوعِ الشَّمْسِ ; وَهُوَ مَوْقِفٌ عَظِيمٌ وَمَشْهَدٌ كَرِيمٌ، وَهُوَ تَمَامٌ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَبِهِ تُجَابُ الْمَسَائِلُ الَّتِي تَوَقَّفَتْ بِعَرَفَةَ كَالطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَعَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَأَوْكَدُ، قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨] وَوَقَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ بِالنَّاسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>