للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} [المزمل: ٢٠] وَ {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: ٤٣] {وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: ٩٨] {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [طه: ١٣٠].

وَيُقَالُ: صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ وَسَجْدَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَعْيَانِ يُعَبَّرُ عَنِ الشَّيْءِ بِبَعْضِ أَجْزَائِهِ كَمَا قَالَ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] وَيُقَالُ: عِنْدَهُ عَشَرَةُ رُؤُوسٍ وَعَشْرُ رِقَابٍ.

الثَّانِي: أَنَّ الْحَلْقَ وَالتَّقْصِيرَ إِذَا كَانَ مِنْ لَوَازِمِ النُّسُكِ وَهُوَ أَمْرٌ ظَاهِرٌ بَاقٍ أَثَرُهُ فِي الْمَنَاسِكِ، كَانَ وُجُودُ النُّسُكِ وُجُودًا لَهُ، فَجَازَ أَنْ يَقْصِدَ النُّسُكَ بِلَفْظِهِ لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ، أَمَّا إِذَا وُجِدَ مَعَهُ تَارَةً وَفَارَقَهُ أُخْرَى بِحَسَبِ اخْتِيَارِ الْإِنْسَانِ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ لَا يَحْسُنُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْهُ، وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ.

الثَّالِثُ: ... .

وَيُشْبِهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنَّمَا ذَكَرَ الْحِلَاقَ وَالتَّقْصِيرَ دُونَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ ; لِأَنَّهُمَا صِفَتَانِ لِبَدَنِ الْإِنْسَانِ يَنْتَقِلَانِ بِانْتِقَالِهِ.

وَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ: الْكَوْنُ ; فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَتَكُونُنَّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَتَمْكُثُنَّ بِهِ حَالِقِينَ وَمُقَصِّرِينَ، وَفِيهِ أَيْضًا تَنْبِيهٌ عَلَى تَمَامِ النُّسُكِ ; لِأَنَّ الْحَلْقَ وَالتَّقْصِيرَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ التَّمَامِ ; لِئَلَّا يَخَافُوا أَنْ يَصُدُّوا عَنْ إِتْمَامِ الْعُمْرَةِ كَمَا صَدُّوا عَنْ إِتْمَامِهَا عَامَ أَوَّلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>