للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ، وَلَمْ يَنْصَرِفْ إِلَى مِنًى، وَلَمْ يَرْمِ الْجِمَارَ؟ قَالَ: عَلَيْهِ دَمٌ، وَقَالَ. . . الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ الْإِحْرَامُ، وَالْوُقُوفُ، وَالطَّوَافُ.

وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَحْكِي ذَلِكَ خِلَافًا، فَيَقُولُ: الْأَرْكَانُ رُكْنَانِ فِي قَوْلٍ، وَثَلَاثَةٌ فِي قَوْلٍ، وَأَرْبَعَةٌ فِي قَوْلٍ، وَيُعْتَقَدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ مُخْتَلِفٌ فِي الْإِحْرَامِ كَاخْتِلَافِهِ فِي السَّعْيِ.

قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَفُرُوضُ الْحَجِّ أَرْبَعَةُ فُرُوضٍ، وَهِيَ الْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ، وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَرُوِيُ عَنْهُ: أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ فَرْضَانِ؛ هُمَا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ، وَمَا عَدَاهُمَا مَسْنُونٌ، حَتَّى أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَجَّ فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ، وَطَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَأْتِ بِغَيْرِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: عَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ، وَحَجُّهُ صَحِيحٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْإِحْرَامِ اخْتِلَافٌ فِي عِبَارَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يُعْنَى بِهِ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَصْدُ الْحَجِّ وَنِيَّتُهُ، وَهَذَا مَشْرُوطٌ فِي الْحَجِّ بِغَيْرِ خِلَافٍ، فَإِنَّ الْحَجَّ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْغَالِبُ عَلَى أُصُولِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ.

فَعَلَى هَذَا: مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ هَذَا الْقَصْدَ، وَالنِّيَّةَ رُكْنًا، وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ الْمُصَنِّفِينَ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى أُصُولِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ عِنْدَهُ لِلشَّهْرِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>