{فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٥٨] فَأَخْبَرَ أَنَّهُمَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الطَّوَافَ بِهِمَا مَشْرُوعٌ مَسْنُونٌ، دُونَ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ لَوْ أَرَادَ زِيَادَةً لَأَمَرَ بِالطَّوَافِ بِهِمَا كَمَا قَالَ: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨] ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨]، وَرَفْعُ الْجَنَاحِ وَإِنْ كَانَ لِإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ الَّتِي عَرَضَتْ لَهُمْ فِي الطَّوَافِ بِهِمَا - كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ -: فَإِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي إِبَاحَةَ الطَّوَافِ بِهِمَا. وَكَوْنُهُمَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ. فَعُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ خَرَجَ مَخْرَجَ النَّدْبِ إِلَى الطَّوَافِ بِهِمَا، وَإِمَاطَةِ الشُّبْهَةِ الْعَارِضَةِ. فَأَمَّا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ: فَلَا. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٥٨] وَإِذَا نَدَبَ اللَّهُ إِلَى أَمْرٍ وَحَسَّنَهُ، ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِالتَّرْغِيبِ فِي التَّطَوُّعِ، كَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ تَطَوُّعٌ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ فَاتِحَةِ الْآيَةِ وَخَاتِمَتِهَا نِسْبَةٌ.
وَعَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (أَنْ لَا يَطُوفَ بِهِمَا).
وَعَنْ عَطَاءٍ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَوْ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ، (أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا) رَوَاهُمَا أَحْمَدُ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute