فَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ، وَقَالَ مَرَّةً: دِرْهَمٌ أَوْ نِصْفُ دِرْهَمٍ ; لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ مِنَ النُّقُودِ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِطَعَامٍ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي تَرْكِ هَذَا الْمَبِيتِ لِحَاجَةٍ غَيْرِ ضَرُورِيَّةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَنَاسِكِ الْمُؤَكَّدَةِ، فَإِنَّ الْمَنَاسِكَ الْمُؤَكَّدَةَ، لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا لِأَحَدٍ. وَلَوْ قِيلَ: تُقَدَّرُ بِهِ.
وَلَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ لَيْلَةً وَاحِدَةً، أَوْ لَيْلَتَيْنِ، فَقَالَ الْقَاضِي - فِي خِلَافِهِ وَابْنُ عَقِيلٍ: لَيْسَ عَلَيْهِ دَمٌ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، بِخِلَافِ تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، فَإِنَّهَا نُسُكٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا تَرَكَهُ لَزِمَهُ الدَّمُ، وَلَيَالِي مِنًى جَمِيعُهَا نُسُكٌ وَاحِدٌ، فَلَا يَجِبْ فِي بَعْضِهَا مَا يَجِبُ فِي جَمِيعِهَا، كَمَا لَوْ تَرَكَ حَصَاةً، أَوْ حَصَاتَيْنِ.
وَاسْتَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ: أَنَّهُ اسْتَكْثَرَ الدَّمَ فِي تَرْكِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ، وَخَرَّجَاهَا عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ:
إِحْدَاهُنَّ: يَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ، أَوْ نِصْفِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ هُنَا.
وَالثَّانِيَةُ: فِي لَيْلَةٍ مُدٌّ، وَفِي لَيْلَتَيْنِ مُدَّانِ.
وَالثَّالِثَةُ: فِي لَيْلَةٍ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ، وَفِي لَيْلَتَيْنِ قَبْضَتَانِ، وَهَاتَانِ مُخْرِجَتَانِ مِنْ حَلْقِ شَعْرَةٍ، أَوْ شَعْرَتَيْنِ.
وَأَمَّا أَبُو الْخَطَّابِ: فَإِنَّهُ جَعَلَ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ مِنًى الدَّمَ قَوْلًا وَاحِدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute