للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ إِلَّا وَاجِبٌ مُؤَقَّتٌ، أَوْ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ.

أَمَّا وَاجِبٌ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إِنْ جَازَ التَّأْخِيرُ إِلَى غَيْرِ غَايَةٍ مَوْصُوفَةٍ بِحَيْثُ لَوْ مَاتَ مَاتَ غَيْرَ عَاصٍ بَطَلَ مَعْنَى الْوُجُوبِ، وَإِنْ جَازَ إِلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْفَوْتُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَجُزْ لِوَجْهَيْنِ: -

أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا مَظْنُونٍ فَإِنَّ الْمَوْتَ إِنَّمَا يُعْلَمُ بِأَسْبَابِهِ، وَإِذَا نَزَلَتْ أَسْبَابُ الْمَوْتِ مِنَ الْمَرَضِ الشَّدِيدِ وَنَحْوِهِ تَعَذَّرَ فِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَقَبْلَ حُصُولِ أَسْبَابِهِ فَإِنَّهُ لَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ أَحَدٍ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي هَذَا الْعَامِ وَلَوْ بَلَغَ تِسْعِينَ سَنَةً.

الثَّانِي: أَنَّهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ هَذَا الظَّنِّ غَيْرَ عَاصٍ لَزِمَ أَنْ لَا يَجِبَ الْفِعْلُ عَلَى أَكْثَرِ الْخَلْقِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَمُوتُونَ قَبْلَ هَذَا الظَّنِّ، وَإِنْ عَصَى بِذَلِكَ فَبِأَيِّ ذَنْبٍ يُعَاقَبُ، وَإِنَّمَا فَعَلَ مَا جَازَ لَهُ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّمَا جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: ٣٤].

وَأَمَّا الْمَسْلَكُ الْخَاصُّ فَمِنْ وُجُوهٍ: -

<<  <  ج: ص:  >  >>