للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَأَلَهُ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ»، وَالَّذِي يَأْخُذُ دَرَاهِمَ الْحَجِّ لَا يَمْشِي، وَلَا يَقْتُرُ، وَلَا يُسْرِفُ إِنَّمَا الْحَجُّ عَمَّنْ كَانَ لَهُ زَادٌ وَرَاحِلَةٌ، وَيُنْفِقُ، وَلَا يُسْرِفُ، وَلَا يَقْتُرُ إِذَا كَانَ وَرَثَتُهُ صِغَارًا.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْجَرْجَرَائِيِّ. . . وَقَالَ فِي الْمَعْضُوبِ: يَحُجُّ عَنْهُ وَلِيُّهُ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَذِنَ أَنْ يَحُجَّ عَنِ الْمَعْضُوبِ وَالْمَيِّتِ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِالْحَجِّ عَنْهُمْ، أَوْجَبَ قَضَاءَ دَيْنِهِمْ، وَبَرَاءَةَ ذِمَّتِهِمْ، وَأَيْضًا فَإِنَّ أَخْذَهُ الدَّرَاهِمَ يَحُجُّ بِهَا.

وَإِنَّمَا كُرِهَتِ الْإِجَارَةُ لِمَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَلَى عَهْدِ السَّلَفِ، وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى الْحَجِّ عَنْهُ، وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ أَحَدٌ أَحَدًا يَحُجُّ عَنِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا حَسَنًا لَمَا أَغْفَلُوهُ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: ٢٠] وَالْأَجِيرُ إِنَّمَا يُرِيدُ بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ حَرْثَ الدُّنْيَا، وَقَالَ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>