للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلْخَثْعَمِيَّةِ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ هَلْ حَجَّتْ عَنْ نَفْسِهَا أَوْ لَمْ تَحُجَّ؟ وَكَذَلِكَ الْجُهَنِيَّةُ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْ أُمِّهَا نَذْرَهَا، وَلِلْمَرْأَةِ الْأُخْرَى، وَلِأَبِي رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَلَا أَمَرَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَجِّ عَنْ نَفْسِهِ.

وَالْخَثْعَمِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا حَجَّتْ عَنْ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا سَأَلَتْهُ غَدَاةَ النَّحْرِ حِينَ أَفَاضَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى، وَهِيَ مُفِيضَةٌ مَعَهُ، وَهَذِهِ حَالُ مَنْ قَدْ حَجَّ ذَلِكَ الْعَامَ، لَكِنَّ غَيْرَهَا لَيْسَ فِي سُؤَالِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَجَّ، وَلِأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالرَّجُلُ يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ غَيْرِهِ قَبْلَ دَيْنِهِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ عَمَلٌ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ فَجَازَ أَنْ يَنُوبَ عَنْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَنْ نَفْسِهِ كَقَضَاءِ الدُّيُونِ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْكَفَّارَاتِ.

وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ مَفْرُوضًا فِيمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْحَجَّ فَهُوَ أَوْجَهُ وَأَظْهَرُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِابْتِدَاءِ الْحَجِّ عَنْ نَفْسِهِ إِذَا كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَغَيْرُ الْمُسْتَطِيعِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ.

وَلَا يُقَالُ: إِذَا حَضَرَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ أَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَحْرَمَ عَنْ غَيْرِهِ فَإِذَا حَضَرَ، وَقَدِ انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ لِغَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي حَقِّ نَفْسِهِ.

وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ: مَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " «أَنَّ النَّبِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>