للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ عَادَ إِلَى الْحَرَمِ، أَوْ لَمْ يَعُدْ وَمَضَى عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى عَرَفَةَ.

قَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ - وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ قَوْلَ سُفْيَانَ: الْحَرَمُ مِيقَاتُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ فَلَمْ يُهِلَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَأَرَى عَلَيْهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ حَدَّهُمْ بِمَا أَرَى عَلَى غَيْرِهِمْ إِذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ لَهُمْ حَدٌّ مُؤَقَّتٌ إِلَّا أَنَّهُ أَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ يُحْرِمُوا مِنَ الْحَرَمِ إِذَا تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى.

وَنَقَلَ عَنْهُ الْأَثْرَمُ فِي رَجُلٍ تَمَتَّعَ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ مِنْهَا ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ خَرَجَ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ وَلَمْ يَأْتِ الْبَيْتَ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، إِلَّا أَنَّ هَذَا قَدْ أَحْرَمَ مِنَ الْحِلِّ الْأَقْصَى مِنْ عَرَفَاتٍ وَمَرَّ بِمِنًى فِي طَرِيقِهِ وَهِيَ مِنَ الْحَرَمِ، وَلَيْسَ فِي مِثْلِ هَذَا خِلَافٌ عَنْهُ، وَلَفْظُهُ: وَالَّذِي يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى مِنًى كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ أَنَّ مُتَمَتِّعًا جَهِلَ فَأَهَّلَ بِالْحَجِّ مِنَ التَّنْعِيمِ، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ وَلَمْ يَأْتِ الْبَيْتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَجْمَعُوا فِي الْإِحْرَامِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَهَذَا يَحْصُلُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ نَفْسِ مَكَّةَ لِكَوْنِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>