وَيَجِيءُ أَرْبَعَةَ أَمْيَالٍ قَدْ طَافَ مِائَتَيْ طَوَافٍ، وَكُلَّمَا طَافَ كَانَ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ أَنْ يَمْشِيَ فِي غَيْرِ شَيْءٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ: " وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أَوْ نَصَبِكِ».
وَعَنْ عَلْقَمَةَ - فِي الْعُمْرَةِ بَعْدَ الْحَجِّ -: هِيَ بِحَسَبِهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: " لَهُ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِهِ وَمَسِيرِهِ " رَوَاهُ سَعِيدٌ.
فَعَلَى هَذَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ هُوَ بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا: أَنْ يَخْرُجَ إِلَى أَقْصَى الْحِلِّ وَإِنْ خَرَجَ إِلَى مِيقَاتِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ رَجَعَ إِلَى مِصْرِهِ فَأَنْشَأَ لَهَا سَفْرَةً أُخْرَى فَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْجَمِيعِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْعُمْرَةُ عَلَى قَدْرِ تَعَبِهَا وَنَصَبِهَا، وَبُعْدِ مَوْضِعِهَا وَنَفَقَتِهَا، وَأَنْ يُنْشِئَ لَهَا قَصْدًا مِنْ مَوْضِعِهِ، كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " كُلَّمَا تَبَاعَدَ فِي الْعُمْرَةِ فَهُوَ أَعْظَمُ أَجْرًا ".
وَظَاهِرُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَتَبَاعَدَ فَيُحْرِمَ مِنَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إِحْرَامِهِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ.
قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا: الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: وَالْعُمْرَةُ بِمَكَّةَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَخْتَارُهَا عَلَى الطَّوَافِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ وَالطَّوَّافَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute