للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَوَاقِيتِ الْحَجِّ، وَلَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ فَتُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ: عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ مِنَ الْحِلِّ.

فَعَلَى هَذَا وُجُودُ الطَّوَافِ وَمَا بَعْدَهُ كَعَدَمِهِ لَا يَتَحَلَّلُ بِذَلِكَ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ ثُمَّ يَطُوفَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ قَصَّرَ رَأْسَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَصَّرَ قَبْلَ الطَّوَافِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ وَطِئَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ تَحَلَّلَ كَانَ كَمَنْ وَطِئَ قَبْلَ الطَّوَافِ فَتَفْسُدُ بِذَلِكَ عُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ دَمُ الْإِفْسَادِ، وَإِتْمَامُهَا بِالْخُرُوجِ إِلَى الْحِلِّ وَالطَّوَافِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَضَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: أَنَّ الْعُمْرَةَ صَحِيحَةٌ، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِمَا تَرَكَهُ مِنَ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ لِأَنَّ مَنْ تَرَكَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ الْمِيقَاتِ وَهَذَا لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ الدَّمَ.

ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَمَنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: فَلْيَخْرُجْ إِلَى أَقْرَبِ الْحِلِّ فَيُحْرِمْ مِنْهُ، وَمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، وَأَرَادَ الْعُمْرَةَ الْوَاجِبَةَ: فَلْيَخْرُجْ إِلَى الْمِيقَاتِ لِيُحْرِمَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى الْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ بِهَا دُونَ الْمِيقَاتِ أَجْزَأَتْهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ، كَمَا قُلْنَا فِيمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ: إِنَّ عَلَيْهِ دَمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>