للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَكَّةَ: يَخْرُجُ إِلَى الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ، فَإِنْ خَشِيَ الْفَوَاتَ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ وَتَمَكَّنَ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ بِتَرْكِهِ كَالْمُسْلِمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَافِرَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُسْلِمَ وَيُحْرِمَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ فِي تَرْكِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْإِحْرَامُ فِي حَالِ كُفْرِهِ فَأَشْبَهَ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَهُوَ مُحْدِثٌ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِي نَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَ بِمَكَّةَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَحُجَّ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وُلِدَ بِمَكَّةَ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ فِي الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ بِمَكَّةَ: يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ مَوْضِعِ أَسْلَمَ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْإِحْرَامُ فَأَشْبَهَ الْمَجْنُونَ، وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَرَكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: («الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَ وَالصَّبِيِّ إِذَا بَلَغَ سَوَاءً، وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>