للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُهِلُّوا بِالْحَجِّ، فَحَجَّ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَمْرِهِ مُتَمَتِّعِينَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ الَّتِي هِيَ أَكْمَلَ بِهَا الدِّينَ وَأَتَمَّ بِهَا النِّعْمَةَ، وَقَدْ كَرِهُوا ذَلِكَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُهُمْ بِالْمُتْعَةِ، وَيَغْضَبُ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا وَيَقُولُ: " «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَوْلَا الْهَدْيُ لَأَحْلَلْتُ» " لِعِلْمِهِ بِفَضْلِ الْإِحْلَالِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُتْعَةَ أَفْضَلُ مِنْ حَجَّةٍ مُفْرَدَةٍ، وَمِنَ الْقِرَانِ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ أَمَرَهُمْ بِهَا عَيْنًا بَعْدَ أَنْ خَيَّرَهُمْ عِنْدَ الْمِيقَاتِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَوَّلًا فَضْلَ الْمُتْعَةِ حَتَّى أَمَرَهُ اللَّهُ بِهَا وَحَضَّهُ عَلَيْهَا، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِهَا وَحَضَّهُمْ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْلَمُ أَوَّلًا مِنْ فَضْلِ الْمُتْعَةِ مَا عَلِمَهُ بَعْدَ قُدُومِهِ مَكَّةَ لَكَانَ قَدْ أَمَرَهُمْ بِالْإِهْلَالِ بِهَا مِنَ الْمِيقَاتِ، وَلَمْ يُخَيِّرْهُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا لِيَسْتَرِيحَ مِنْ كَرَاهَتِهِمْ لِفَسْخِ الْحَجِّ وَمَشَقَّتِهِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ مَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا،

[وَلِهَذَا قَالَ: " «مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً» "].

<<  <  ج: ص:  >  >>