يَرْجِعُ أَصْحَابُكَ بِأَجْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى الْحَجِّ؟ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي وَلْيُرْدِفْكِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْ يُعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ» "، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: أَنَّهَا قَالَتْ: " «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَرْجِعُ النَّاسُ بِأَجْرَيْنِ وَأَرْجِعُ بِأَجْرٍ» ".
قَالُوا: فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا صَارَتْ مُفْرِدَةً، وَأَنَّهَا رَفَضَتِ الْعُمْرَةَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ» ". وَلَوْ كَانَ الْإِحْرَامُ بِحَالِهِ لَمْ يَأْمُرْهَا بِالِامْتِشَاطِ، وَلِقَوْلِهِ: " «أَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ» "، " وَاتْرُكِي الْعُمْرَةَ "، وَفِي لَفْظٍ: " «وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتِكِ» "، وَهَذَا ظَاهِرُ فِي أَنَّهَا تَرْفُضُ الْعُمْرَةَ.
وَقَدْ رَوَى. . . . لَا سِيَّمَا وَكَانَ هَذَا لَيْلَةَ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمَهَا، وَالنَّاسُ قَدْ خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ فِعْلُ الْعُمْرَةِ، فَعُلِمَ: أَنَّهُ أَرَادَ تَرْكَ إِحْرَامِهَا.
وَلِقَوْلِهِ: " هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ " وَلَوْ كَانَتْ عُمْرَتُهَا بِحَالِهَا: لَمْ يَقُلْ: " هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ، كَمَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى ذَلِكَ سَائِرُ مَنْ قَرَنَ مِنْ أَصْحَابِهِ ; لِأَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ عُمْرَةٌ صَحِيحَةٌ.
وَأَيْضًا: فَقَوْلُهَا: " «أَيَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ؟ فَقَالَ: أَوَمَا كُنْتِ طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا مَكَّةَ؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: فَاذْهَبِي مَعَ أَخِيكِ فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ» "، فَأَقَرَّهَا عَلَى قَوْلِهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ بِحَجَّةٍ، وَسَائِرُ النَّاسِ يَرْجِعُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ تِلْكَ اللَّيَالِي يَكُونُ حَالُهُ كَذَلِكَ، يَرْجِعُ بِحَجَّةٍ بِدُونِ عُمْرَةٍ، ثُمَّ أَمَرَهَا بِالْقَضَاءِ - بِحَرْفِ الْفَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute