للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْفَصْلُ السَّابِعُ)

أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى حُرٍّ كَامِلِ الْحُرِيَّةِ، فَأَمَّا الْعَبْدُ الْقِنُّ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ، وَالْمَكَاتَبُ، وَالْمُدَبَّرُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْحَجُّ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَتَعَلَّقُ وُجُوبُهَا بِمِلْكِ الْمَالِ. وَالْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَالزَّكَاةِ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى قَطْعِ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْعَبْدِ كَالْجِهَادِ.

وَهَذَا لِأَنَّ الْحَجَّ عِبَادَةٌ تَطُولُ مُدَّتُهَا، وَتَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ مَسَافَةٍ وَتَحْتَاجُ إِلَى مَالٍ، وَالْعَبْدُ مَشْغُولٌ بِحُقُوقِ سَيِّدِهِ فَفِي الْإِيجَابِ عَلَيْهِ إِبْطَالٌ لِحَقِّ سَيِّدِهِ.

وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُسْتَقِيمَةٌ إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ، وَفِيهَا نَظَرٌ.

وَلِأَنَّ الْعَبْدَ نَاقِصٌ بِالرِّقِّ وَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقٌّ لِسَيِّدِهِ، فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْحُرِّ لَشَقَّ عَلَيْهِ، أَوْ عَجَزَ عَنْهُ. وَالْحَجُّ كَمَالُ الدِّينِ وَآخِرُ الْفَرَائِضِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى - لَمَّا وَقَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَفَةَ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] فَلَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى كَامِلٍ مُطْلَقٍ، وَالْعَبْدُ نَاقِصُ الْأَحْكَامِ أَسِيرٌ لِغَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>