كَانَ زَعْفَرَانًا وَقَدْ نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ سَوَاءٌ كَانَ حَرَامًا أَوْ حَلَالًا لِأَنَّ طِيبَ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ.
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا كَانَ بِالْجُعْرَانَةِ - وَكَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ عَقِبَ قَسْمِ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ وَقَدْ حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ عَشْرٍ وَاسْتَدَامَ الطِّيبَ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخَرِ فَالْآخَرِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ يَكُونُ نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ
(فَصْلٌ)
يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَطَيَّبَ فِي بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ سَوَاءٌ مَسَّ الطِّيبُ بَدَنَهُ، أَوْ لَمْ يَمَسُّهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فِي الْمُحْرِمِ الْمُوقَصِ - " «لَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا» " وَفِي لَفْظٍ: " «لَا تُحَنِّطُوهُ» " وَجَعْلُهُ فِي ظَاهِرِهِ: تَقْرِيبٌ لَهُ لَا سِيَّمَا وَالْحَنُوطُ هُوَ مَشْرُوعٌ بَيْنَ الْأَكْفَانِ. فَلَمَّا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَحْنِيطِهِ عُلِمَ أَنَّ قَصْدَ تَحْنِيطِ بَدَنِهِ، وَثِيَابِهِ وَلَوْ كَانَ تَحْنِيطُ ظَاهِرِ الثَّوْبِ جَائِزًا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ أَمَرَ بِهِ تَحْصِيلًا لِسُنَّةِ الْحَنُوطِ.
وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ» " وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يَمَسَّ ظَاهِرَهُ أَوْ بَاطِنَهُ. فَعُلِمَ عُمُومُ الْحُكْمِ وَشُمُولُهُ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطَيِّبَهُمَا بِشَيْءٍ يَعُدُّهُ النَّاسُ طِيبًا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ لَوْنٌ أَوْ لَا لَوْنَ لَهُ؛ مِثْلُ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْكَافُورِ وَالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالنَّدِّ، وَمَاءِ الْوَرْدِ، وَالْغَالِيَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute