(فَصْلٌ)
فَأَمَّا اشْتِمَامُ الطِّيبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّصِلَ بِبَدَنِهِ وَلَا بِثَوْبِهِ؛ إِمَّا بِأَنْ يَقْرُبَ إِلَيْهِ حَتَّى يَجِدَ رِيحَهُ، أَوْ يَتَقَرَّبَ هُوَ إِلَى مَوْضِعِهِ حَتَّى يَجِدَ رِيحَهُ، فَلَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ، وَفِيهِ الْفِدْيَةُ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ مُضَرَ الْقَاسِمِ - فِي الْمُحْرِمِ يَشُمُّ الطِّيبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
وَقَالَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الرَّجُلِ يَحْمِلُ مَعَهُ الطِّيبَ وَهُوَ مُحْرِمٌ: كَيْفَ يَجُوزُ هَذَا؟! وَعَطَاءٌ يَقُولُ: إِنْ تَعَمَّدَ شَمَّهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، قِيلَ لَهُ: يَحْمِلُهُ لِلتِّجَارَةِ؟ فَقَالَ: لَا يَصْلُحُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا رِيحَ لَهُ.
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ -: أَمَّا الطِّيبُ فَلَا يَقْرَبُهُ، وَالرَّيْحَانُ لَيْسَ هُوَ مِثْلَ الطِّيبِ. وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّطَيُّبِ وُجُودُ رَائِحَةِ الطِّيبِ، فَإِذَا تَعَمَّدَ الشَّمَّ: فَقَدْ أَتَى بِمَقْصُودِ الْمَحْظُورِ، بَلِ اشْتِمَامُهُ لِلطِّيبِ أَبْلَغُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَالتَّرَفُّهِ مِنْ حَمْلِ طِيبٍ لَا يَجِدُ رِيحَهُ بِأَنْ يَكُونَ مَيِّتًا أَوْ نَائِمًا، أَوْ أَخْشَمَ.
وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمُ - اخْتَلَفُوا فِي شَمِّ الْمُحْرِمِ الرَّيْحَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute