للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ - وَسُئِلَ عَنِ الْمُحْرِمِ يُخَضِّبُ رِجْلَهُ بِالْحِنَّاءِ إِذَا تَشَقَّقَتْ، فَقَالَ: الْحِنَّاءُ مِنَ الزِّينَةِ، وَمَنْ يُرَخِّصُ فِي الرَّيْحَانِ يُرَخِّصُ فِي الْحِنَّاءِ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: تُكْرَهُ الزِّينَةُ لِلْمُحْرِمِ، وَتُمْنَعُ الْمُحْرِمَةُ مِنَ الزِّينَةِ، وَلَا فِدْيَةَ فِي الزِّينَةِ.

وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ الزِّينَةَ ; لِأَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْحُلِيِّ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْكَرَاهَةِ وَإِنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ عَطَاءٍ ; لِأَنَّ الزِّينَةَ مِنْ دَوَاعِي النِّكَاحِ فَكُرِهَ لِلْمُحْرِمِ كَالطِّيبِ، وَلِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ لَمَّا مُنِعَتْ مِنَ النِّكَاحِ مُنِعَتْ مِنَ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ، وَالْمُحْرِمَةُ تُشْبِهُهَا فِي الْمَنْعِ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ فَكَذَلِكَ فِي تَوَابِعِهِ مِنَ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ.

بِخِلَافِ الصَّائِمَةِ وَالْمُعْتَكِفَةِ، فَإِنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا تُمْنَعُ مِنَ الْوَطْءِ ; وَلِأَنَّ زَمَانَ الْإِحْرَامِ يَطُولُ كَزَمَانِ الْعِدَّةِ، فَالدَّاعِي إِلَى النِّكَاحِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَسِيلَةٌ إِلَيْهِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ بِخِلَافِ مَا قَصُرَ زَمَانُهُ قَدْ يُسْتَغْنَى بِوَقْتِ الْحِلِّ عَنْ وَقْتِ الْحَظْرِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَجْتَنِبَ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَالْكُحْلَ الْمُطَيَّبَ، وَالدَّوَاءَ الَّذِي فِيهِ طِيبٌ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا، ثُمَّ قَالَ فِيمَا لِلْمَرْأَةِ وَمَا تُمْنَعُ مِنْهُ: وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَكْتَحِلَ بِمَا فِيهِ طِيبٌ، وَمَا لَا طِيبَ فِيهِ، فَفَرَّقَ فِي الْكُحْلِ السَّاذَجِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَدَّةَ أَشَدُّ مِنْ حَيْثُ تُمْنَعُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهَا، فَكَانَتْ أَشَدَّ مِنَ الْمُحْرِمَةِ، وَلَا فِدْيَةَ فِي الزِّينَةِ ; لِأَنَّ الْمُتَزَيِّنَ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>