للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَذَكَرْتُ لَهُ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: " قُلْتُ لَهُ: أَطْرَحُ ثِيَابِي الَّتِي فِيهَا تَفَثِي وَقَمْلِي؟ قَالَ: نَعَمْ أَبْعَدَ اللَّهُ الْقَمْلَ ". رَوَاهُنَّ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا فِيهِ إِزَالَةُ الْوَسَخِ وَالْغُبَارِ وَقَتْلُ الْقَمْلِ وَقَطْعُ الشَّعْرِ وَتَخْمِيرُ الرَّأْسِ فِي الْمَاءِ.

قِيلَ: أَمَّا تَخْمِيرُ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ التَّغْطِيَةَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الِاغْتِسَالُ، فَصَارَ كَمَا لَوْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ شَيْئًا.

وَأَمَّا قَطْعُ الشَّعْرِ: فَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَقْطَعُ شَعْرًا.

وَأَمَّا إِزَالَةُ الْوَسَخِ وَقَتْلُ الْقَمْلِ: فَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ.

وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُكْرَهُ تَعَمُّدُ إِزَالَةِ الْوَسَخِ وَكَذَلِكَ قَتْلُ الْقَمْلِ، فَعَلَى هَذَا يُحَرِّكُ رَأْسَهُ تَحْرِيكًا رَفِيقًا كَمَا فَعَلَ أَبُو أَيُّوبَ، وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: " وَلَا يَمُرُّ بِيَدِهِ عَلَى الشَّعْرِ مَرًّا شَدِيدًا " يَعْنِي أَنَّ الْخَفِيفَ، مِثْلَ: أَنْ يَكُونَ بِبُطُونِ أَصَابِعِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ ; وَذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَقْتُلَ قَمْلَهُ، أَوْ يُزِيلَ وَسَخًا، أَوْ يَقْطَعَ شَعْرًا.

وَقَالَ - فِي رِوَايَةٍ الْمَرُّوذِيِّ -: " لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ وَلَكِنْ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ صَبًّا وَلَا يُدَلِّكُهُ ". فَمَنَعَهُ مِنَ الدَّلْكِ مُطْلَقًا. وَكَذَلِكَ

وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا: " إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>