فَضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ، بِخِلَافِ أَكْلِ لَحْمِ الصَّيْدِ الَّذِي قَتَلَهُ، فَإِنَّ ذَاكَ إِنَّمَا يَحْرُمُ لِكَوْنِهِ مَيْتَةً.
فَإِنْ أَتْلَفَ الصَّيْدَ الَّذِي صِيدَ لِأَجْلِهِ بِإِحْرَاقٍ وَنَحْوِهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهُ كَالْأَكْلِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ أَظْهَرُ، لَا يَضْمَنُهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُصِدَ لِأَجْلِهِ، وَهُوَ نَفْسُهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ مُحْتَرَمٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَرَقَ الطِّيبَ وَلَمْ يَتَطَيَّبْ بِهِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ إِذَا أَكَلَهُ فَكَأَنَّهُ قَدْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ بِمُوَافَقَةِ قَصْدِ الصَّائِدِ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى قَتْلِ الصَّيْدِ بِسَبَبِ الْمُحْرِمِينَ.
أَمَّا إِذَا أَحْرَقَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ مَقْصُودَ الصَّائِدِ، وَسَائِرُ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ مِنَ اللُّبْسِ وَالتَّدَاوِي وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِثْلُ الْأَكْلِ، وَمَا لَا مَنْفَعَةَ أَصْلًا مِثْلُ الْإِحْرَاقِ.
(فَصْلٌ)
وَكَمَا يَحْرُمُ قَتْلُ الصَّيْدِ تَحْرُمُ الْإِعَانَةُ عَلَيْهِ بِدَلَالَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ إِعَارَةِ آلَةٍ لِصَيْدِهِ أَوْ لِذَبْحِهِ.
وَإِذَا أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ بِدَلَالَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ إِعَارَةِ آلَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ شَرَكَ فِي قَتْلِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَانُ حَلَالًا فَالْجَزَاءُ جَمِيعُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا اشْتَرَكَا فِيهِ ; لِمَا تَقَدَّمَ فِي «حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: " فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي فَلَمْ يُؤْذِنُونِي، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، وَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ، فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا ثُمَّ رَكِبْتُ» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: " «فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُهُ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ الْفَرَسَ فَطَعَنْتُهُ، فَأَتَيْتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute