أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدَةَ، وَالْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ وَحَرْبٌ، وَهِيَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ مِثْلُ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ وَابْنِ عَقِيلٍ وَأَبِي الْمَوَاهِبِ الْعُكْبَرِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ ... ; لِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّكَلُّمِ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ الرَّفَثُ، وَالِارْتِجَاعُ: تَكَلُّمٌ بِهِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُ أَنْ يَنْكِحَ أَوْ يُنْكِحَ أَوْ يَخْطِبَ، وَارْتِجَاعُهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُنْكِحَ غَيْرَهُ أَوْ أَنْ يَخْطِبَ، فَإِذَا مُنِعَ مِنْ أَنْ يُزَوِّجَ أَوْ يَخْطِبَ فَمَنْعُهُ مِنَ الرَّجْعَةِ أَوْلَى، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَسْمُ أَبْوَابِ النِّكَاحِ وَمَنْعُ التَّعَلُّقِ بِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَالْمُرْتَجِعُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ تَعَلُّقًا ظَاهِرًا، وَلِأَنَّ الِارْتِجَاعَ وَسِيلَةٌ إِلَى الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَةٌ لَهُ، فَإِنَّ الرَّاغِبَ فِي الرَّجْعَةِ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْغَبَ فِي الْوَطْءِ، فَمُنِعَ مِنْهَا كَالطِّيبِ، وَعَامَّةُ الْمَعَانِي وَالْأَشْيَاءِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ قَدْ يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا فِي الرَّجْعَةِ، بَلْ رُبَّمَا كَانَ الِارْتِجَاعُ أَشَدَّ دَاعِيَةً مِنِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، فَإِنَّ تَشَوُّقَ النَّفْسِ إِلَى امْرَأَةٍ يَعْرِفُهَا أَكْثَرُ مِنْ تَشَوُّقِهَا إِلَى امْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُهَا، وَلِهَذَا مُنِعَ فِي قَضَاءِ الْحَجِّ مِنَ الِاجْتِمَاعِ بِالْمَرْأَةِ، وَلِأَنَّ الْمَنْعَ مِنَ النِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ لِنَقْصٍ فِي مِلْكِ التَّصَرُّفِ وَنَقْصٍ فِي الْمَحَلِّ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمَعْنَى يَعُودُ إِلَى.
وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِحْلَالٌ مَقْصُودٌ لِلْبَضْعِ، وَإِثْبَاتٌ لِمِلْكِ النِّكَاحِ فَمُنِعَ مِنْهُ كَالْعَقْدِ الْمُبْتَدَأِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ وَزَوَالَ مِلْكِ النِّكَاحِ، إِمَّا فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَآلِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَالرَّجْعَةُ تَرْفَعُ هَذَا التَّحْرِيمَ، وَتُعِيدُ الْمِلْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute