نَظَرٍ وَكَانَ لِشَهْوَةٍ: فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَإِنْ أَمْذَى فَعَلَيْهِ شَاةٌ. وَإِنْ أَمْنَى، أَوْ أَمْذَى بِفِكْرٍ غَالِبٍ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنِ اسْتَدْعَى الْفِكْرَ: فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْفِكْرَ كَالنَّظَرِ قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.
فَعَلَى هَذَا إِذَا لَمْ يَسْتَدِمْهُ: فَفِيهِ دَمٌ، وَإِنِ اسْتَدَامَهُ، فَهَلْ فِيهِ بَدَنَةٌ، أَوْ شَاةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَلَا يَفْسَدُ الْحَجُّ بِحَالٍ، وَيَتَخَرَّجُ فِي النَّظَرِ وَالتَّفْكِيرِ إِذَا اسْتَدَامَهُمَا أَنْ يَفْسَدَ الْحَجُّ. وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَدَ فِي التَّفْكِيرِ يَتَحَمَّلُ الْوَجْهَيْنِ، زَعَمَ الْقَاضِي: أَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِالتَّفْكِيرِ حُكْمٌ، وَزَعَمَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَدْعَى مِنْهُ حُكْمٌ.
قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَأَحْمَدَ بْنِ جَمِيلٍ - فِي مُحْرِمٍ نَظَرَ فَأَمْنَى: فَعَلَيْهِ دَمٌ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ ذَكَرَ شَيْئًا فَأَمْنَى؟ قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ، قِيلَ لَهُ: وَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ، قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
فَمِنْ حَيْثُ جَعَلَ فِي الْإِنْزَالِ بِالنَّظَرِ دَمًا، وَلَمْ يَجْعَلْ فِي الْإِنْزَالِ بِالذِّكْرِ شَيْئًا، بَلْ نَهَاهُ عَنْهُ: كَانَ قَوْلُ الْقَاضِي مُتَوَجِّهًا، وَمِنْ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ فِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ مَا يَذْكُرُهُ عَمْدًا: يَتَوَجَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ. إِلَّا أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ: اسْتِدْعَاءُ الْفِكْرِ مَكْرُوهٌ، فَيُنْهَى عَنْهُ، وَلِهَذَا قَالَ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْكُرَ حَيْثُ الْغَالِبُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالْكَرَاهَةِ، فَالْفَرْقُ عَادَ إِلَى هَذَا لَا إِلَى وُجُوبِ الدَّمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute