وَإِنْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ عُمَانَ، وَكَانَتْ دَارُكُمَا نَائِيَةً حُجَّا عَامًا قَابِلًا، فَأَتَيَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَأَمَرَهُمَا أَنْ يَأْتِيَا التَّنْعِيمَ، فَيُهِلَّا مِنْهُ بِعُمْرَةٍ، فَيَكُونُ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ مَكَانَ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ وَإِحْرَامٌ مَكَانَ إِحْرَامٍ، وَطَوَافٌ مَكَانَ طَوَافٍ " رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فِي الْمَنَاسِكِ عَنْهُ، وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ - قَالَ: لَا أَظُنُّهُ إِلَّا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - قَالَ: " الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ: يَتَعَمَّرُ وَيُهْدِي " وَرَوَاهُ النَّجَّادُ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ. فَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِيجَابُ حَجٍّ كَامِلٍ، وَالثَّانِي إِيجَابُ عُمْرَةٍ: لَمْ يَجُزِ الْخُرُوجُ عَنْهُمَا، وَالِاجْتِزَاءُ بِدُونِ ذَلِكَ. وَلَا يُعْرَفُ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ قَالَ بِخِلَافِ هَذَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ جَمِيعَ الْحَجَّةِ، فَبَقِيَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَجِّ أَنْ يُفِيضَ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ، فَيَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَيَسْعَى مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْعَ أَوَّلًا فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ إِحْرَامِهِ، وَهُوَ الْإِحْرَامُ مِنَ النِّسَاءِ خَاصَّةً. فَإِذَا وَطِئَ فَقَدْ فَسَدَ هَذَا الْإِحْرَامُ فَإِنَّ مَا يُفْسِدُ الْإِحْرَامَ الْكَامِلَ: يُفْسِدُ الْإِحْرَامَ النَّاقِصَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ اسْتِبْقَاءُ الْإِحْرَامِ مِنَ النِّسَاءِ إِلَى تَمَامِ الْإِفَاضَةِ: لَجَازَ الْوَطْءُ قَبْلَهَا، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. فَإِذَا فَسَدَ مَا بَقِيَ مِنَ الْإِحْرَامِ: فَلَوْ جَازَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ لَجَازَ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِحْرَامِ الْفَاسِدِ عَنِ الصَّحِيحِ، وَلَوْ وَقَعَتِ الْإِفَاضَةُ وَطَوَافُهَا فِي غَيْرِ إِحْرَامٍ صَحِيحٍ وَهَذَا غَيْرُ مُجْزِئٍ وَإِذَا وَجَبَ أَنْ يَأْتِيَ بِإِحْرَامٍ صَحِيحٍ: فَلَا بُدَّ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ لِيَجْمَعَ فِي إِحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute