للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُمْرَةِ بَعْدَ الطَّوَافِ قَبْلَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: أَفْسَدَ الْعُمْرَةَ وَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ لِلْفَسَادِ وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا وَإِنْ وَطِئَ فِيهَا بَعْدَ السَّعْيِ قَبْلَ الْحِلَاقِ أَسَاءَ وَالْعُمْرَةُ صَحِيحَةٌ وَعَلَيْهِ دَمٌ؛ قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ - فِي مُعْتَمِرٍ طَافَ فَوَاقَعَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْعَى: فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ مَكَانَهَا، وَلَوْ طَافَ وَسَعَى ثُمَّ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ وَيُقَصِّرَ: فَعَلَيْهِ دَمٌ.

وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ -: إِذَا جَامَعَ قَبْلَ أَنْ يُقَصِّرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَلَيْهِ دَمٌ وَإِنَّمَا يَحِلُّ بِالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ. فَقَدْ نَصَّ عَلَى بَقَاءِ الْإِحْرَامِ وَوُجُوبِ الدَّمِ مَعَ صِحَّةِ الْعُمْرَةِ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحِلَاقَ مُسْتَحَبٌّ، وَأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِدُونِهِ؛ قَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ وَابْنِ مَنْصُورٍ -: فَإِذَا أَصَابَ أَهْلَهُ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يُقَصِّرَ، فَإِنَّ الدَّمَ لِهَذَا عِنْدِي كَثِيرٌ.

وَقَالَ الْقَاضِي - فِي الْمُجَرَّدِ -: إِذَا وَطِئَ قَبْلَ الْحَلْقِ فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِأَنَّهُ وَطِئَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْ إِحْرَامِهِ فَأَفْسَدَهُ كَمَا لَوْ وَطِئَ فِي الْحَجِّ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّهُ إِحْرَامٌ تَامٌّ صَادَفَهُ الْوَطْءُ فَأَفْسَدَهُ كَإِحْرَامِ الْحَجِّ، وَلِأَنَّ الْحَلْقَ يَحِلُّ بِهِ مِنَ الْعِبَادَةِ فَإِذَا وَرَدَ قَبْلَهُ أَفْسَدَهَا، كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْمُصَلِّي قَبْلَ السَّلَامِ. وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحَلْقُ رُكْنًا فِي الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ مَا يَجْبُرُهُ الدَّمُ إِذَا تُرِكَ. وَالْحَلْقُ لَا يُتَصَوَّرُ تَرْكُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَطَأْ، وَلَمْ يَحْلِقْ فَإِحْرَامُهُ بَاقٍ وَهُوَ لَمْ يَتَحَلَّلْ، وَكُلَّمَا فَعَلَ مَحْظُورًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَإِذَا وَطِئَ لَمْ يَخْرُجْ بِالْفَسَادِ مِنَ الْإِحْرَامِ، بَلْ يَحْلِقُ وَيَقْضِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>