وَقَدْ يُقَالُ: الْجِمَاعُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي هُوَ اللِّبَاسُ وَالطِّيبُ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ، فَإِنَّهُ إِتْلَافٌ مَحْضٌ، وَعَلَى رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا: أَنَّ جِمَاعَ النَّاسِي لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ.
وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَلَا يُبْطِلُ الْإِحْرَامَ كَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا حَيْثُ قُلْنَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ، فَإِنَّ إِبْطَالَ الصَّوْمِ نَظِيرُ إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ فِي الْإِحْرَامِ، وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ هُنَاكَ نَظِيرُ فَسَادِ الْإِحْرَامِ، لِأَنَّ كَفَّارَةَ الصَّوْمِ لَا يَجِبُ الْإِجْمَاعُ بِهِ، كَمَا لَا يَبْطُلُ الْإِحْرَامُ إِلَّا بِالْجِمَاعِ بِخِلَافِ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ مُتَعَدِّدٌ.
لَكِنَّ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَغْلَظُ مِنْ مَحْظُورَاتِ الصِّيَامِ لِوَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِحْرَامَ فِي نَفْسِهِ أَوْكَدُ مِنَ الصِّيَامِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، مِثْلِ: كَوْنِهِ لَا يَقَعُ إِلَّا لَازِمًا، وَلَا يُخْرَجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ، وَكَوْنِهِ يَحْرُمُ فِيهِ جَمِيعُ الْمُبَاشَرَاتِ وَكَوْنِهِ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ بِالْأَعْذَارِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْإِحْرَامَ عَلَيْهِ عَلَامَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ التَّجَرُّدِ وَالتَّلْبِيَةِ وَأَعْمَالِ النُّسُكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute