ظَهْرَهُ، فَلَقِيَ عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ: احْكُمْ فِيهِ يَا أَرْبَدُ، قَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي وَأَعْلَمُ، فَقَالَ: إِنَّمَا آمُرُكَ أَنْ تَحْكُمَ وَلَمْ آمُرْكَ أَنْ تُزَكِّيَنِي، قَالَ: فِيهِ جَدْيٌ قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ، فَقَالَ: ذَلِكَ فِيهِ " رَوَاهُ سَعِيدٌ.
وَثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، ثَنَا مُخَارِقٌ، عَنْ طَارِقٍ، قَالَ: " خَرَجْنَا حُجَّاجًا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْطَأَ رَجُلٌ مِنَّا ضَبًّا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَتَلَهُ، فَأَتَى الرَّجُلُ عُمَرَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ -رَحِمَهُ اللَّهُ -: احْكُمْ مَعِي، فَحَكَمَا فِيهِ جَدْيٌ قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: بِأُصْبُعِهِ {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ. وَأَيْضًا قَوْلُهُ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] يَعُمُّ الْقَاتِلَ وَغَيْرَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] فَإِنَّ الْمُشْهِدَ غَيْرُ الْمُشْهَدِ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ غَيْرُ الْمَفْعُولِ، وَهُنَا لَمْ يَقُلْ: حَكِّمُوا فِيهِ ذَوَيْ عَدْلٍ، وَإِنَّمَا قَالَ: {يَحْكُمُ بِهِ} [المائدة: ٩٥] وَالرَّجُلُ قَدْ يَكُونُ حَاكِمًا عَلَى نَفْسِهِ إِذَا كَانَ الْحَقُّ لِلَّهِ، لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ، كَمَا يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي تَقْوِيمِ قِيمَةِ الْمِثْلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الطَّعَامَ، وَفِي تَقْوِيمِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ: مَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ مِنْ قَوْلِهِ: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥] فَأَمَرَ اللَّهُ الرَّجُلَ أَنْ يَقُومَ بِالْقِسْطِ وَيَشْهَدَ لِلَّهِ عَلَى نَفْسِهِ.
قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute