وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ مِثْلَ الْمَقْتُولِ مِنَ النَّعَمِ؛ وَمِثْلُ الصَّغِيرِ صَغِيرٌ كَمَا أَنَّ مِثْلَ الْكَبِيرِ كَبِيرٌ.
وَقَوْلُهُ - بَعْدَ ذَلِكَ -: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] لَا يَمْنَعُ مِنْ إِخْرَاجِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُهْدَى إِلَى الْكَعْبَةِ فَهُوَ هَدْيٌ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ الْجَفْرَةَ جَازَ.
نَعَمِ الْهَدْيُ الْمُطْلَقُ: لَا يَجُوزُ فِيهِ إِلَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنَ الْمَعْزِ، وَالْهَدْيُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ، فَإِنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ قَوْلِهِ: {مِثْلُ مَا قَتَلَ} [المائدة: ٩٥] وَالتَّقْدِيرُ: فَلْيُخْرِجْ مِثْلَ الْمَقْتُولِ عَلَى وَجْهِ الْإِهْدَاءِ إِلَى الْكَعْبَةِ. وَهَذَا هَدْيٌ مُقَيَّدٌ لَا مُطْلَقٌ. فَعَلَى هَذَا: مِنْهُ مَا يَجِبُ فِي جِنْسِهِ الصَّغِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهُ مَا يَجِبُ فِي جِنْسِهِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، فَيَنْظُرُ إِلَى الْمَقْتُولِ، فَيَتَغَيَّرُ؛ صِفَاتُهُ، فَيَجِبُ فِي الصَّغِيرِ صَغِيرٌ، وَفِي الْكَبِيرِ كَبِيرٌ، وَفِي الذَّكَرِ ذَكَرٌ، وَفِي الْأُنْثَى أُنْثَى، وَفِي الصَّحِيحِ صَحِيحٌ، وَفِي الْمَعِيبِ مَعِيبٌ تَحْقِيقًا لِمُمَاثَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ.
فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ سَمِينًا، أَوْ مُسِنًّا، أَوْ كَرِيمَ النَّوْعِ: اعْتُبِرَ فِي مِثْلِهِ ذَلِكَ، وَيَفْتَقِرُ هُنَا فِي الْمُمَاثَلَةِ إِلَى الْحَكَمَيْنِ. هَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي وَعَامَّةِ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَإِنْ فَدَى الصَّغِيرَ بِالْكَبِيرِ فَهُوَ أَحْسَنُ.
وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا - عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي الزَّكَاةِ -: أَنْ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْمَرِيضِ إِلَّا الصَّحِيحُ.
قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، مِثْلُ ابْنِ عَقِيلٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ: فَإِنْ فَدَى الذَّكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute