وَأَمَّا طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمَا: فَإِنَّهُمْ حَمَلُوا الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، فَإِنْ قَوَّمَ بِالْحِنْطَةِ صَامَ مَكَانَ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَإِنْ قَوَّمَ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ: صَامَ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، وَهَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الَّذِي لَا يُحْتَمَلُ سِوَاهُ؛ وَقَدْ قَالَ - فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ - فِي إِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ فِي الْفِدْيَةِ وَالْجَزَاءِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ: إِنْ أَطْعَمَ بُرًّا فَمُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، وَإِنْ أَطْعَمَ تَمْرًا: فَنِصْفُ صَاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَهُمْ سِتَّةُ مَسَاكِينَ فِي الْفِدْيَةِ.
فَنَصَّ عَلَى الْفَرْقِ فِي الْجَزَاءِ بَيْنَ الْبُرِّ وَغَيْرِهِ، كَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْفِدْيَةِ وَالْكَفَّارَةِ. وَيَعْتَبِرُ قِيمَةَ الطَّعَامِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ فِي مَوْضِعِ وُجُوبِهِ؛ وَهُوَ مَوْضِعُ قَتْلِ الصَّيْدِ، وَفِي مَوْضِعِ إِخْرَاجِهِ؛ وَهُوَ مَكَّةُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي قِيمَةِ الْمِثْلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ.
فَإِنْ كَانَ الْبُرُّ رَخِيصًا بِحَيْثُ تَكُونُ الْقِيمَةُ مِنْهُ مِائَةَ مُدٍّ وَالتَّمْرُ غَالِيًا بِحَيْثُ تَكُونُ الْقِيمَةُ مِنْهُ: عِشْرِينَ صَاعًا. . .
وَإِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ الْكَفَّارَةِ إِلَّا بَعْضُ طَعَامِ مِسْكِينٍ: فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا تَامًّا. نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ بَعْضَ الْفِدْيَةِ طَعَامًا، وَبَعْضَهَا صِيَامًا، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا أَصَابَ صَيْدًا وَعِنْدَهُ طَعَامٌ لَا يُتِمُّ جَزَاءَ الصَّيْدِ: صَامَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَعْضُهُ صَوْمًا وَبَعْضُهُ طَعَامًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute