للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] وَبِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ صَارَ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّهُ تَرَفَّهَ بِحِلِّهِ وَسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ عَنْهُ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] فَجَعَلَهُ بَعْدَ إِيجَابِ الْهَدْيِ عَلَيْهِ مَأْمُورًا بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ يُؤْمَرُ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ فَعُلِمَ أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ قَبْلَ الصِّيَامِ.

وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى: اخْتِيَارُ الْقَاضِي .. . .، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهَا؛ فَقَالَ الْقَاضِي: - فِي خِلَافِهِ - وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَغَيْرُهُمْ: مَعْنَاهَا أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الْوُقُوفِ وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّحَلُّلِ، وَوَقْتُ جَوَازِ الذَّبْحِ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: أَنْ لَا يَجِبَ حَتَّى يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ، أَوْ يَجِبَ إِذَا انْتَصَفَتْ لَيْلَةُ النَّحْرِ.

وَقَالَ الْقَاضِي: فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا: مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إِذَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ. وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ بِلَا رَيْبٍ؛ قَالَ - فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ -: وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ الدَّمُ إِذَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَالْقَارِنِ مِثْلُهُ، يَرْوِي فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ - فِي مُتَمَتِّعٍ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ - قَالَ: إِذَا وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ.

قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: يَجِبُ بِالْوَقْفِ وَيَتَأَخَّرُ إِخْرَاجُهُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَوْجَبَ الْهَدْيَ عَلَى مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>