للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الْهَدْيُ الْوَاجِبُ بِالْمُتْعَةِ: فَلَا، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَنْحَرَهُ يَوْمَ النَّحْرِ؛ قَالَ - فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى - فِيمَنْ قَدِمَ مُتَمَتِّعًا وَسَاقَ الْهَدْيَ، فَإِنْ قَدِمَ فِي شَوَّالٍ نَحَرَ الْهَدْيَ وَحَلَّ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ، وَإِذَا قَدِمَ فِي الْعَشْرِ أَقَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَلَمْ يَحِلَّ. قَالَ الْقَاضِي: فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا نَحَرَ قَبْلَ الْعَشْرِ كَانَ عَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ، يَعْنِي فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَا ذُبِحَ قَبْلَهُ.

لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] وَمَا بَعْدَ الْغَايَةِ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ بَعْدَ بُلُوغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهَ يَجُوزُ الْحَلْقُ، وَالْحَلْقُ إِنَّمَا يَجُوزُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْهَدْيَ إِنَّمَا يَبْلُغُ مَحِلَّهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَالْآيَةُ عَامَّةٌ فِي هَدْيِ الْمُحْصَرِ وَغَيْرِهِ لِعُمُومِ لَفْظِهَا وَحُكْمِهَا؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ -: («مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ فَلْيَحِلَّ، وَمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ»).

وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي حَدِيثٍ لَهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: («مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيَحِلَّ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَأَهْدَى فَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ بِحَجٍّ، نَحَرَ هَدْيَهُ»). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: («مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ»). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>