للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا رُوِيَ .. .؛ وَلِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ لَعَلَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْهَدْيِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصِّيَامِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ، وَلِيَتَحَقَّقَ عَجْزُهُ عَنِ الْهَدْيِ وَهَذَا يَقْتَضِي التَّأْخِيرَ إِلَى آخِرِ وَقْتِ الْإِمْكَانِ، وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْهَ عَنِ الصَّوْمِ فِيهِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ؛ وَهِيَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ وَالْيَوْمُ الَّذِي قَبْلَهُمَا أَخَصُّ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّ فِيهِنَّ يَقَعُ الْمَسِيرُ إِلَى عَرَفَاتٍ، وَبَعْضُ خُطَبِ الْحَجِّ.

وَالصَّائِمُ يَوْمَ عَرَفَةَ صَائِمٌ فِي حَالِ فِعْلِ الْحَجِّ فَكَانَ أَشَدَّ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ مِنْ غَيْرِهِ فَكَانَ أَفْضَلَ. وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَحَبَّ فِيهَا صَوْمُ التَّطَوُّعِ، فَأَمَّا الْوَاجِبُ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا. وَيَجُوزُ الصَّوْمُ مِنْ حِينِ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ بِلَا تَرَدُّدٍ؛ قَالَ: فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٍّ -: وَالصِّيَامُ لِلْمُتْعَةِ يَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ إِذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ وَكَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.

وَهَذَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَلَعَلَّ هَذَا لَا يَحُجُّ، يَنْصَرِفُ وَهُمْ يَقُولُونَ: يُجْزِئُهُ الصِّيَامُ، وَفِي قَلْبِي مِنَ الصِّيَامِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ شَيْءٌ. وَإِنَّمَا أَرَادَ إِحْرَامًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إِذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ وَكَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ هَذَا فِي الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ فِي أَشْهُرِهِ لَا يُؤَثِّرُ فِي إِيجَابِ الدَّمِ، وَلِأَنَّهُ قَاسَ بِهِ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ السَّبَبَيْنِ قَدْ وُجِدَ دُونَ الْآخَرِ، وَلِأَنَّهُ قَالَ: لَعَلَّهُ لَا يَحُجُّ يَنْصَرِفُ، وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ وَيَتْرُكُ الْحَجَّ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ، وَلِأَنَّهُ قَالَ: وَهُمْ يَقُولُونَ يُجْزِئُهُ الصِّيَامُ. يَعْنِي أَهْلَ الرَّأْيِ، فَحَكَى عَنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>