أَنَّهُ إِذَا أَيْسَرَ فِي الصِّيَامِ انْتَقَلَ إِلَى الْمَالِ، وَالِانْتِقَالُ هُنَا أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ إِنَّمَا يَسْتَقِرُّ وُجُوبُهُ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ ذَبْحُهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَاتِ فَإِنَّ اسْتِقْرَارَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ، نَعَمْ هُوَ يُشْبِهُ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ إِذَا قُلْنَا لَا تَسْتَقِرُّ إِلَّا بِالْوَطْءِ وَكَفَّرَ قَبْلَهُ.
وَقَدْ خَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ الَّتِي بَعْدَ الشُّرُوعِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: الِاعْتِبَارُ فِي الْكَفَّارَاتِ بِأَغْلَظِ الْحَالَيْنِ.
وَهَذَا تَخْرِيجٌ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَجِيءُ فِيمَا إِذَا وَجَدَ الْهَدْيَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ، فَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَلَمْ يَشْرَعْ فِيهِ حَتَّى وَجَدَ الْهَدْيَ: فَهَلْ يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ؟ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا فِيهِ رِوَايَتَيْنِ، أَصَحُّهُمَا لَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ أَيْضًا، وَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْكَفَّارَةِ: هَلِ الْعِبْرَةُ بِحَالِ الْوُجُوبِ، أَوْ بِأَغْلَظِ الْحَالَيْنِ مِنْ حَالِ الْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى حَالِ وُجُوبِ الصَّوْمِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَكَانَ قَدْ أَحْرَمَ قَبْلَ النَّحْرِ بِأَيَّامٍ فَهَذِهِ صُورَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ.
وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ وَلَا الْهَدْيُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، أَوْ قُلْنَا: إِذَا أَحْرَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute