أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهَا عُمْرَةً فِي شَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ يَخْلُو إِلَّا لَيْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ تَحِيضُ قَالَ: " لِتَخْرُجْ ثُمَّ لْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ لْتَنْتَظِرْ حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ لْتَطُفْ بِالْكَعْبَةِ وَتُصَلِّي ". وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ.
وَلِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ لِتَرَفُّهِهِ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَقَطْ فَلَمَّا عَدَلَ عَنْهُ إِلَى الْإِحْرَامِ بِعُمْرَةٍ وَأَتَى بِالْحَجِّ أَيْضًا: شُرِعَ لَهُ الْهَدْيُ. فَإِذَا أَهَلَّ قَبْلَ شَوَّالٍ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ، فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي وَقْتٍ تَنْفَرِدُ بِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ لَهَا وَطَافَ قَبْلَ شَوَّالٍ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَلَوِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَرَجَعَ إِلَى مِصْرِهِ، أَوْ أَقَامَ بِالْحَرَمِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُسَافِرَ بَعْدَ الْعُمْرَةِ، فَإِنْ سَافَرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ: فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ؛ لِأَنَّهُ سَافَرَ لِلْحَجِّ سَفَرًا كَمَا سَافَرَ لِلْعُمْرَةِ سَفَرًا وَلَمْ يَتَرَفَّهْ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ.
وَأَمَّا حَدُّ السَّفَرِ الَّذِي يُخْرِجُهُ عَنِ التَّمَتُّعِ: فَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: إِذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ سَافَرَ سَفَرًا يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ - وَيُعْجِبُنِي هَذَا الْقَوْلُ - وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُتَمَتِّعُ مَنْ جَاءَ إِلَى مَكَّةَ فِي شَوَّالٍ، أَوْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَمَنْ جَاءَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الشُّهُورِ فَإِنَّمَا هِيَ عُمْرَةٌ وَلَيْسَ هُوَ مُتَمَتِّعًا، وَإِذَا دَخَلَ بِعُمْرَةٍ فِي هَذِهِ الشُّهُورِ ثُمَّ انْتَظَرَ حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ. فَإِنْ خَرَجَ إِلَى الْمِيقَاتِ وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ.
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ وَالْأَثْرَمِ - مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute