للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ نَحَرَهُ وَإِلَّا فَلَا يَنْحَرْ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ مُنِعَ بِالْحُدَيْبِيَةِ.

وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَنْحَرْ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ إِذَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ: لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ الْهَدْيَ فِي عَامِ الْإِحْصَارِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَلَيْهِ الصِّيَامَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَى الْعَادِمِ بِحَالٍ. وَإِذَا قَضَى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، أَوْ غَيْرَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ عُمْرَةٌ مَعَهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي قَوْلِهِ: بِقَضَاءِ التَّطَوُّعِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي - فِي خِلَافِهِ - وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا.

وَذَكَرَ الْقَاضِي - فِي الْمُجَرَّدِ - وَابْنُ عَقِيلٍ - فِي الْفُصُولِ -: أَنَّا إِذَا قُلْنَا: يَجِبُ قَضَاءُ التَّطَوُّعِ فَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُحْصَرَ قَدْ فَوَّتَ الْحَجَّ، وَمَنْ فَوَّتَ الْحَجَّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحِلَّ بِعُمْرَةٍ فَيَلْزَمَهُ قَضَاءُ هَذِهِ الْعُمْرَةِ كَمَا لَزِمَهُ قَضَاءُ الْحَجِّ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ عُمْرَةٌ وَإِنْ أَوْجَبْنَا قَضَاءَ التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّ هَدْيَ الْمُحْصَرِ قَامَ مَقَامَ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ، كَمَا قَامَتْ عُمْرَةُ الْمُفَوِّتِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُفَوِّتٍ إِنْ خَرَجَ مِنْ إِحْرَامِهِ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ الْفَوَاتِ فَقَدْ تَقَدَّمَ، فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ الْقَضَاءُ؛ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: ١٩٤] فَبَيَّنَ اللَّهُ أَنَّ الشَّهْرَ الْحَرَامَ الَّذِي قَضَوْا فِيهِ الْعُمْرَةَ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ الَّذِي أُحْصِرُوا فِيهِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى الْعُمْرَةَ مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ، وَسُمِّيَتْ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>