إِخْبَارٌ عَنْ عَفْوِهِ عَمَّا مَضَى حِينَ نُزُولِ الْآيَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدٌ صَيْدًا يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا مَا قَتَلُوهُ قَبْلَ الْآيَةِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْعَفْوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمُؤَاخَذَةِ وَاللَّوْمِ، وَلَوْ كَانَ الْعَفْوُ عَمَّا يَقْتُلُهُ فِي الْإِسْلَامِ لَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ خَطِيئَةٌ عَظِيمَةٌ، وَمِثْلُ هَذِهِ لَا يَقَعُ الْعَفْوُ عَنْهَا عُمُومًا؛ فَإِنَّ الْعَفْوَ عَنْهَا عُمُومًا يَقْتَضِي أَنْ لَا تَكُونَ ذَنْبًا. أَلَا تَرَى أَنَّ السَّيِّئَاتِ لَمَّا كَفَّرَهُنَّ اللَّهُ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ، فَإِنَّ الْعَفْوَ عَنِ الشَّيْءِ وَالنَّهْيَ عَنْهُ لَا يَجْتَمِعَانِ. وَوُجُوبُ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ الصَّيْدِ مُتَعَمِّدًا لَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْمَآثِمِ، بَلْ هُوَ فَاسِقٌ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ.
وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: ٩٥] يُوجِبُ تَوَعُّدَ قَاتِلِ الصَّيْدِ بِالِانْتِقَامِ مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: ٩٣] وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُجُوبَ الدِّيَةِ وَالْقَوَدِ. وَقَوْلُهُ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] وَقَوْلُهُ - فِي الْمُحَارِبِينَ -: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ} [المائدة: ٣٣]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute