{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} [النساء: ١١٥] الْآيَةَ وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: ١٤] الْآيَةَ. وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ: يُرَتِّبُ الْجَزَاءَ عَلَى أُمُورٍ، وَيَكُونُ بَعْضُهُ مُرَتَّبًا عَلَى بَعْضِهَا مُنْفَرِدًا.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
إِذَا حَلَقَ شَعَرًا وَقَلَّمَ ظُفْرًا نَاسِيًا، أَوْ مُخْطِئًا، أَوْ جَاهِلًا: فَالْمَنْصُوصُ عَنْهُ أَنَّ فِيهِ الْكَفَّارَةَ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَصَالِحٍ، وَحَنْبَلٍ -: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ يَلْزَمُهُ لَوْ قَتَلَ صَيْدًا نَاسِيًا، أَوْ تَنَوَّرَ نَاسِيًا وَهُوَ مُحْرِمٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهُ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ - عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَأَنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ، وَحَلْقَ الشَّعْرِ، وَالْوَطْءَ يَسْتَوِي عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ، وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالرِّوَايَةِ الَّتِي فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَأَوْلَى، لِأَنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ إِتْلَافٌ مَحْضٌ بِخِلَافِ الْحَلْقِ، وَالتَّقْلِيمِ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ التَّرَفُّهَ وَالِاسْتِمْتَاعَ.
وَلِأَنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ ضَمَانٌ كَضَمَانِ الْأَمْوَالِ فَتَقْدِيرُ كَفَّارَتِهِ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ، فَإِنَّ كَفَّارَتَهُ كَكَفَّارَةِ الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ. وَهَذَا قَوْلٌ قَوِيٌّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute