عَطَاءٍ: («أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعَى فِي عُمَرِهِ كُلِّهَا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَالْخُلَفَاءُ هَلُمَّ جَرًّا يَسْعَوْنَ كَذَلِكَ») قَالَ: وَقَدْ أَسْنَدَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَهَذَا الصَّحِيحُ.
«وَعَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ: (مَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ وَإِنَّمَا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: هِيَ صَنِيعَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ)». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الِاضْطِبَاعِ نَحْوَ ذَلِكَ.
فَصْلٌ
قَالَ أَصْحَابُنَا: يُسْتَحَبُّ لِلطَّائِفِ الدُّنُوُّ مِنَ الْبَيْتِ فِي الطَّوَافِ إِلَّا أَنْ يُؤْذِيَ غَيْرَهُ، أَوْ يَتَأَذَّى بِنَفْسِهِ، فَيَخْرُجُ إِلَى حَيْثُ أَمْكَنَهُ، وَكُلَّمَا كَانَ أَقْرَبَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ الْأَبْعَدُ أَوْسَعَ مَطَافًا وَأَكْثَرَ خُطًى.
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّمَلُ مَعَ الْقُرْبِ لِقُوَّةِ الِازْدِحَامِ: فَإِنْ رَجَا أَنْ تَخِفَّ الزَّحْمَةُ وَلَمْ يَتَأَذَّ أَحَدٌ بِوُقُوفِهِ انْتَظَرَ ذَلِكَ لِيَجْمَعَ بَيْنَ قُرْبِهِ مِنَ الْبَيْتِ وَبَيْنَ الرَّمَلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُقَدَّمٌ عَلَى مُبَادَرَتِهِ إِلَى تَمَامِ الطَّوَافِ، وَإِنْ كَانَ الْوُقُوفُ لَا يُشْرَعُ فِي الطَّوَافِ؛ قَالَ أَحْمَدُ: فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَرْمُلَ فَقُمْ حَتَّى تَجِدَ مَسْلَكًا ثُمَّ تَرْمُلَ.
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالرَّمَلِ: فَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَخْرُجُ إِلَى حَاشِيَةِ الْمَطَافِ؛ لِأَنَّ الرَّمَلَ أَفْضَلُ مِنَ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّهُ هَيْئَتُهُ فِي نَفْسِ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ الْقُرْبِ فَإِنَّهُ هَيْئَةٌ فِي مَكَانِهَا.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَطُوفُ قَرِيبًا عَلَى حَسَبِ حَالِهِ؛ لِأَنَّ الرَّمَلَ هَيْئَةٌ فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute