للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العجيب أن رؤياه ـ عليه السلام ـ تدل على أنه سيكون حسابيًّا بارعًا! وهذا ما كان بالفعل، فكيف يكون ذلك؟

هناك عدة قرائن تساعدنا في تحليل هذه المسألة، منها:

١ ـ أن يوسف ـ عليه السلام ـ طلب تولي خزائن مصر، ولا شك أن من يريد أن يتسنم مثل هذا المنصب عليه أن يكون على دراية بعلوم كثيرة، وعلم الحساب أحد تلك العلوم، على الأقل معرفة لا بأس بها، لا سيما أن يوسف ـ عليه السلام ـ واجهته مشكلة اقتصادية كبيرة في مصر، والتي من بعض حلولها علم الحساب.

٢ ـ ومما لا شك فيه أن أي نبيٍّ من أنبياء الله ـ عليهم صلوات الله وسلامه ـ لن يطلب أمرًا إلا وهو متمكن منه، ويعلم تمامًا كيف يتعامل معه، ويلاحظ أن هذا الأمر دنيويٌّ، وهم ـ عليهم صلوات الله وسلامه ـ يجعلون الأمر الدنيوي في طاعة الله (١).


(١) دليل على أن الأمر الدنيوي اجتهادٌ منهم ـ عليهم أفضل الصلاة والسلام ـ وليس وحيًا (عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: مررت مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوم على رؤوس النخل، فقال: «ما يصنع هؤلاء؟ » فقالوا: يلقحونه، يجعلون الذكر في الأنثى فيلقح، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «ما أظن يغني ذلك شيئًا» قال: فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بذلك فقال: (إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنًّا، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئًا فخذوا به، فإني لن أكذب على الله ـ عز وجل) صحيح مسلم حديث رقم [٢٣٦١]، (٤/ ١٨٣٥)، ويؤبرون: (يلقحونه) هو بمعنى يؤبرون في الرواية الأخرى، ومعناه إدخال شيء من طلع الذكر في طلع الأنثى فتعلق بإذن الله.

<<  <   >  >>