للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: الدراية في أمور الزراعة تؤخذ من معاني رمز الكواكب

يقول تعالى: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (١).

ولو أمعنا النظر ودققنا الفكر لوجدنا أن رؤيا الكواكب تدل على أمر يتعلق بالخبرة الزراعية، فدراسة أوقات زراعة الثمر وحصاده يحتاج إلى خبرة في مواقيتها، والتي تؤخذ من الكواكب كعلم للتسيير وليس للتأثير (٢)، فكل ثمرة لها وقت معين، إما شتاءً أو صيفًا، بل بعض الفواكه


(١) سورة النحل الآية (١٦).
(٢) يقول الإمام ابن رجب ـ يرحمه الله: (وأما علم التسيير فإذا تعلم منه ما يحتاج إليه للاهتداء ومعرفة القبلة والطرق كان جائزًا عند الجمهور، وما زاد عليه فلا حاجة إليه، وهو يشغل عما هو أهم منه)، فضل علم السلف على الخلف ص (١٣).
ويقول العلامة ابن عثيمين ـ يرحمه الله ـ في شرحه على كتاب التوحيد: (وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين:
الأول: علم التأثير: وهو أن يستدل بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية; فهذا محرم باطل لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم: "من اقتبس شعبة من النجوم; فقد اقتبس شعبة من السحر"، وقوله في حديث زيد بن خالد: "من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب"، ولقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الشمس والقمر: "إنهما آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته"، فالأحوال الفلكية لا علاقة بينها وبين الحوادث الأرضية.
الثاني: علم التسيير: وهو ما يستدل به على الجهات والأوقات; فهذا جائز، وقد يكون واجبًا أحيانًا، كما قال الفقهاء: إذا دخل وقت الصلاة يجب على الإنسان أن يتعلم علامات القبلة من النجوم والشمس والقمر، قال تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (النحل: ١٥)، فلما ذكر الله العلامات الأرضية انتقل إلى العلامات السماوية; فقال تعالى: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (النحل: ١٦)، فالاستدلال بهذه النجوم على الأزمان لا بأس به، مثل أن يقال: إذا طلع النجم الفلاني دخل وقت السيل ودخل وقت الربيع، وكذلك على الأماكن; كالقبلة، والشمال، والجنوب. انظر: القول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ٥١٩)، والأمر يطول شرحه ولعلنا نفرده في مؤلَّف إن يسر الباري.

<<  <   >  >>