للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: الانتصار يؤخذ من الكواكب:

في قوله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ (١) وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا (٢) لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} انظر (٣) الكواكب ترجم الشياطين فالله ـ جل وعلا ـ أرسلها لتكون سببًا لتدحض الباطل، وهذا ما حصل فدحضت كثيراً من الباطل، وهذه الآية تعطينا إشارة لمعنى آخر للنجوم حيث إن الشيطان لا يأتي إلا بالباطل؛ فهو يوسوس للإنسان بعصيان ربه، بل الكفر بربه، وهو يسترق السمع ليجعل الناس في ظنهم أنهم يعلمون الغيب، والله جعل الكواكب سببًا لإزالة هذا الباطل وإظهار الحق، بمعنى الانتصار للحق، فالله الجليل جعلها رجومًا للشياطين.


(١) المصابيح هي النجوم، وعند الإمام الطبري: وهي النجوم ـ أي المصابيح ـ وجعلها مصابيح لإضاءتها (٢٩/ ٣)، ومنهم من يقول: إِن المصباح: الرئيسُ أو قيّمُ أهل الدار، وربما كان ولدًا إِذا رأت الحامل أنها أُعْطِيَته، شمس العلوم (٦/ ٣٦٥٧).
(٢) وقيل: إن الضمير راجع إلى المصابيح على أن الرجم من أنفس الكواكب، ولا يسقط الكوكب نفسه إنما ينفصل منه شي يرجم به من غير أن ينقص ضوؤه ولا صورته. قاله أبو علي جوابًا لمن قال: كيف تكون زينة وهي رجوم لا تبقى. هي زينة قبل أن يرجم بها الشياطين (بتصرف تفسير القرطبي ١٨/ ٢١١)، وكما سبق أن من بلاغة القرآن أن الكلمة لها أكثر من معنى.
(٣) سورة الملك الآية (٥).

<<  <   >  >>