ويبدو أن ما يستخرج حتى الآن من كميات الملح من نهاية وادي بيحان، وعلى أعماق مختلفة فيه، ثم يصدر بعضه إلى مناطق أخرى من الجنوب العربي. كان يمثل موردًا اقتصاديًا له اعتباره كذلك في العصور القديمة.
ومن أجل خدمة وتشجيع قوافل التجارة الخارجية أو تجارة المرور (الترانسيت) لا سيما فيما يختص بالبخور بأنواعه ومشتقاته، ومن أجل إحكام الإشراف عليها في الوقت نفسه. مد القتبانيون الطرق البرية ومهدوها. ومن أهمها طريق ممر مبلقة (العقبة) الذي بذل فيه مجهود بارع بالنسبة لعصره وبيئته ليصل عبر الجبال بين وادي بيحان ووادي حريب. وتعبره القوافل المتجهة من عدن إلى نواحي مأرب في سبأ. عبر الأراضي القتبانية. وقد مهدت أرضيته بالأحجار باتساع يتراوح بين أربعة وخمسة أمتار. وامتد نحو ثلاثة أميال بين ارتفاع وانخفاض بانحناءات كثيرة في أجزاء شقتها الطبيعة وأجزاء أخرى مهدتها يد الإنسان على مدرجات جبلية تحمي جوانبها جدارن منحوتة أو مبنية، وأقيم على كل من طرفي هذا الطريق الطويل حوض للماء لخدمة القوافل وسقاية الإبل. ووردت ثلاثة نصوص من عهد الملك يدع أب ذبيان بن شهر تحدثت عن تعبيده في أيامه. ولوحظ أن هذا المجهود كان يمكن توفيره باستخدام طرق سهلي آخر يمتد من غرب العاصمة تمنع رأسًا إلى وادي حريب، لولا حرص القتبانيين على التحكم في التجارة التي تمر في منطقتهم ورغبتهم في إطالة مسالكها داخل أرضهم ليحصلوا أكبر نسبة من المكوس عليها. ونظرًا للأهمية الاقتصادية لهذا الطريق نشأت بعض البلدان حوله. ومنها ذو غيلان (حصن الحضيري) عند مدخله. وبجوارها هجر بن حميد على جانبه الشرقي. وحنو الزرير على جانبه الغربي. ولعلها قامت في بداية أمرها كمحطات للقوافل ومراكز لتحصيل المكوس ثم اتسع عمرانها.
ومهد القتبانيون طريقًا آخر في ممر نجد مرقد على الحافة الصحراوية بين وادي بيحان ووادي حريب أيضًا. ورصفوه. وتمر القوافل خلاله بين جدارين يبلغ سمك الواحد منهما نحو المتر، وقام فيه مركز لتحصيل المكوس من قوافل التجارة المتجهة إلى حريب التي تبعد عنه بنحو خمسة أميال. أو الخارجة منها فى اتجاهها إلى بيحان والعاصمة تمنع.
وتوفر للاستثمار الزراعي دور كبير آخر في اقتصاديات قتبان، ولا سيما في سهل بيحان وحريب. وبدأت مشروعات الري في وادي بيحان منذ القرن الخامس ق. م. وهو واد كبير ينحدر من المرتفعات الجنوبية ناحية الشمال التقريبي ويبلغ متوسط اتساعه بين ثلاثة وأربعة كيلو مترات، وإن زاد عن ذلك كثيرًا أو قل