قامت دولة قتبان (ق ت ب ن) إلى الجنوب من دولة سبأ وتضمنت وادي بيحان ووادي حريب وما شغل جزءًا من اليمن وجزءًا من عدن الحاليين. وعاصر كيانها السياسي في بعض عهوده بقية الدولة العربية الجنوبية، سبأ وحضرموت ومعين وأوسان. وتراوحت آراء الباحثين في تعيين بداية هذا الكيان القتباني السياسي بما بين منتصف القرن التاسع ق. م. وبين القرن السابع ق. م. ولكن الوجود الاجتماعي والنشاط الاقتصادي لجماعات القتبانيين قد رجحنا (في ص٣٧ - ٣٩) إرجاعه إلى ما قبل ذلك بعدة قرون، حينما دللنا على قيام التبادل التجاري بين الجنبتين القتبانيين وبين مصر القديمة في عهد الملك تحوتمس الثالث خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد. ووجد هذا الدليل المصري القديم أدلة أخرى تقاربه في نتائج أبحاث بعثة أثرية أمريكية حديثًا في قتبان. فقد عثر الباحثان ألبرت جام وفرانك ألبرايت A.Jamme and F.P.Albright على مخربشات قتبانية (أي نصوص قصيرة غير متقنة) في هجر بن حميد ووادي فرع اتجهت بعض سطورها من اليسار إلى اليمين مما يعني في رأيهما قدم عهدها، كما تعرفا فيها على أشكال حروف هجائية أرجعا أسلوب كتابتها إلى حوالي القرن العاشر ق. م. واعتبارها من حيث الشكل بقية من مرحلة التحول من الخط الكنعاني القديم الذي يحتمل أن نقله بعض العرب عن جنوب الشام إلى خط آخر تميزت به النصوص الجنوبية وهو الخط المسند. وأضاف جام عن بدائية أشكال هذه الحروف أن رسمها لم يلتزم باتجاه ثابت، فبعضها يميل يمينًا وبعضها يميل يسارًا، وبعضها مقلوب وبعضها رسم على جانبه، وكان تعدد الاتجاهات في رسم الحروف من مظاهر المرحلة الأولية في الأبجدية الكنعانية في الشام حتى القرن الثاني عشر ق. م. وزكى فان بيك وآخرون هذا الوجود القتباني القديم من ناحية أخرى بدراسة تتابع الفخار في مستويات العمران في هجر بن حميد، حيث أرجعوا أنواع الفخار