في أقدم مستويات هذه البلدة إلى ما يدور حول القرن الحادي عشر والقرن العاشر ق. م. وزاد وندل فيليبس على هذا فافترض من ملاحظة مستويات أطلال المباني في المدن القتبانية احتمال بناء بعضها في أواسط الألف الثاني ق. م.
ومع هذا القدم النسبي للكيان القتباني، ونعني بالنسبية هنا ما يتعلق بالجنوب العربي، وهو أحدث بطبيعة الحال في تكويناته السياسية كثيرًا عن دول الهلال الخصيب الكبيرة القديمة، فقد لاحظ بعض اللغويين أن اللهجة القتبانية وإن بدت أقرب إلى لهجات حضرموت ومعين منها إلى اللهجة السبأية، إلا أن أسلوب الكتابة القتبانية الرسمية وأسلوب تركيب أسماء وألقاب الحكام الكبار فيها ظلا أقرب إلى أمثالهما في دولة سبأ. ومن التفسيرات المحتملة. لهاتين الظاهرتين أن أقوامًا من الحضارمة والمعينيين كانوا يشاركون القتبانيين أصلهم القبلي. أو كانوا يشاركونهم أرضهم في عصور قديمة. ولكن هذه الأرض خضعت في فترة ما لنفوذ سبأي سياسي وانتقل إليها ما كان شائعًا في سبأ من أسلوب الكتابة الرسمية وطريقة تركيب أسماء (أو ألقاب) الحكام. وإذا صح الشطر الأول من هذا التفسير كان فيه ما يزكي ما سبقت الإشارة إليه من أن الجماعات العربية القديمة في الجنوب وفي الشمال كذلك ظلت لفترات قديمة طويلة لاتلتزم بحدود إقليمية أو قومية قاطعة فيما بينها. من قبل أن تقوم فيها الدول السياسية واضحة المعالم والحدود.
وبدأ الحكم في دولة قتبان بنفس الصبغة الثيوقراطية أو الدينية التى بدأ بها في بقية الدول العربية الجنوبية. فتلقب أوائل حكامها الكبار منذ القرن السابع ق. م. (في عرف أصحاب التاريخ المختصر) بلقب مكرب وهو لقب تناولنا مدلولات مثيله من قبل في سياق الحديث من حكام سبأ. ومنذ نهاية القر الخامس ق. م. أو بداية القرن الرابع ق. م. فيما يرى ألبرايت غلب الحكام القتبانيون الصبغة المدنية والسياسية في حكمهم وتلقبوا بألقاب الملوك. وليس من المستبعد أن ذلك التحول قد ارتبط في حينه بنصر سياسي أو حربي رفع من شأن الحكام القتباني في نظر نفسه ونظر شعبه وجعله يعتبر نفسه لا يقل مكانة عن ملوك سبأ الذين سبقوا في التحول إلى نظام الملكية، لا سيما بعد أن خف الضغط الذي فرضته هذه الدولة على جيرانها في عهد ملكها الداهية كرب إيل وتر.
ويبدو أن قتبان قد استفادت من وضع كانت قد سمحت لها به دولة سبأ المعتزة بقوتها. ثم استغلته هي لمصلحتها. فقد مر بنا أن كرب إيل وتر منشئ نظام الملكية في سبأ أقطع قتبان بعض الأراضي التى استولت جيوشه عليها من دولة أوسان مكافأة لها على التزامها بموقف الحياد خلال حروبه، وهو مطمئن إلى