[الفصل التاسع: عودة إلى دولة سبأ في عصر الملكية السبأية]
...
الفصل التاسع: عودة إلى دولة سبأ في عصر المملكة السبأية
بدأت عهود الملكية في سبأ باتخاذ كرب إيل وتر الثاني لقب الملك عوضًا عن لقب المكرب، أو إلى جانبه، في حوالي عام ٤١٠ ق. م. كما يعتقد أصحاب التاريخ المختصر (ومنهم ألبرايت وفون فيسمان) بعد أن أحرز لدولته توسعًا كبيرًا على حساب جيرانها. ويبدو أن الرجل قد انصرف بعد انتصاراته إلى توطيد الأمن في أرجاء دولته الجديدة الواسعة عن طريق إعادة تعمير المدن المعينية والأوسانية الخاضعة له وإسكان جماعات من السبأيين فيها، وإعادة تحصينها بعد أن اطمأن إلى موالاتها له. ثم عن طريق مواصلة سياسية أسلافه العمرانية والاقتصادية في الاهتمام بمشروعات الري وما إليها.
ولما كان الرجل قد ادعى أو اقتنع بأن مبعود دولته الأكبر إلمقه هو الذي أيده في مشروعاته وتخيره ملكًا أو صيره ملكًا كما أسلفنا من قبل، فقد ترتب على هذا أن ازداد شأن إلمقه بازدياد شأن ممثله على الأرض كرب إيل وتر، وزادت معابده في حواضر الدولة كما انتشرت عبادته في البلاد التابعة لها. وزادت الأوقاف المرصودة عليها من أهلها وأتباعها على حد سواء، ومعها ضمنيًا بقية معبودات سبأ الأخرى.
وتوسعت سبأ في عصرها الملكي فيما كانت قد بدأت به من نظم في عهود المكربيين كما تقبلت بعض عناصر الحضارة وبعض التسميات التي أخذت بها الدول الجنوبية الأخرى، الصديقة منها والمنافسة والخاضعة في آن واحد.
أشرنا في نهاية الفصل الخامس إلى نظرية جديدة تفترض أن بعض النصوص السبأية أخذت تؤرخ أحداثها منذ عهود أواخر المكربين بنيابة عظيم ذي صفة دينية يتلقب بلقب رشو ويجمع إلى كهانته للمعبود عثتر شيئًا من الإشراف على شئون الري والزراعة. ويرى صاحب هذه النظرية أن النيابة قد انتظم أمرها في عهود الملكية وأصبحت تحتسب لكبار أفراد ثلاث أسر كبيرة وهي أسرة حزفر