كانت دولة الأنباط أكثر اتصالًا ببادية جنوب الشام منها بشبه الجزيرة العربية، حيث قامت كبرى عواصمهم في بترا أو البتراء في شرق الأردن، شأنهم في ذلك شأن الإدوميين الذين سبقوهم في هذه العاصمة نفسها. ولكننا نتناول طرفًا من تاريخ الأنباط هنا، مع تاريخ شبه الجزيرة العربية بناء على ثلاثة اعتبارات، وهي: غلبة الأسماء العربية بينهم، وامتداد نفوذهم التجاري والسياسي والحضاري في شمال الحجاز. ثم ضخامة الآثار التي تركوها في مدائن صالح. ومغاير شعيب.
كان الأنباط كما قدمنا قبائل عربية الأصل غلبت عليها في مراحل نشأتها حياة البداوة وحرفة الرعي، وانتشرت بطونها بين جنوب بادية الشام وبين شمال غرب شبه الجزيرة العربية. ووصف المؤرخ ديودور الصقلي حال الأنباط الأوائل في هذه المرحلة فيما قرأه أو سمعه عمن سبقوه بأنهم كانوا بدوًا رعاة لا يعرفون الزراعة ولا يشربون الخمر، وأرضهم أغلبها صخرية وعرة توجد بها بحيرة ملحة تصدر عنها أبخرة حارة وتصعب الإقامة بجوارها، ولكن توجد معها أراض أخرى كثيرة الأشجار والنخيل.
وشجع انتشار الأنباط حول طرق التجارة البرية الرئيسية على أن يتطلعوا