للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما الفقيه في اللسان الفصيح [أي: في لغة العرب] ، فمعناه: الفَهْم، تقول: فلان لا يَفْقه قولي، أي لا يفهم، قال الله عزّ وجلّ: {وَإِن مِن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّح بِحَمْدِه وَلكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُم} "١"، أي لا تفهمون. وقوله

عزّ وجلّ: {لِيَتَفَقَّهوا فِي الدِّين} "٢". أي لِيَتَفَهَّموه فيكونوا علماء به، ومن ذلك قولهم: فلان لا يَفْقه ولا يَنْقه، معناه لا يفهم ولا يعلم.

ونجد الله عزّ وجلّ نَدَبَنا إلى توحيده، والمعرفة بعظيم قُدْرته، بما دلنا عليه من بديع صنعته، وعجيب حكمته، وما أَسبغ علينا من نِعْمته، ثم أخبرنا أنه إنما أظهر هذه المعجزات، وفصَّل هذه الآيات للفقهاء العلماء؛ لأنهم هم الذين فَهِموا عنه، وفَقِهوا معنى مراده، فجاز أن يدلّوا عليه بما دلّهم به على نفسه، وجاز أن يكونوا هم النصحاء لعباده بما نَصَحوا به أنفسهم. فإن الله عزّ وجلّ وصَفَ نفسه لعباده، وعرّفهم بربوبيته، ودعاهم إلى توحيده وعبادته بما أظهر لهم من قُدْرته فقال عزّ وجلّ: {إنّ اللهَ فَالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرج الحيّ مِنَ الْميت} "٣"، إلى آخر الآية، ثم قال عزّ وجلّ: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَر حُسْباناً ذَلكَ تَقْدِير العَزِيزِ الْعَلِيم} "٤"، ثم قال عزّ وجلّ: {وَهُو الَّذِي جَعَلَ لَكُم النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا في ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قد


(١) ٤٤: الإسراء: ١٧.
(٢) ١٢٢: التوبة: ٩.
(٣) ٩٥: الأنعام: ٦.
(٤) ٩٦: الأنعام: ٦.

<<  <   >  >>