للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَومٍ يَعْلَمُون} "١"، ثم قال عزّ وجلّ: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُم مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُستَقرٌّ ومستودَعٌ قَد فَصَّلْنَا الآياتِ لِقَومٍ يَفْقَهُون} "٢".

فلما فقهوا عن الله عزّ وجلّ ما عظَّم به نفسه، وأَخبر به من جلاله وهيبته، ونفاذ قدرته، وعظيم سلطانه وسطوته، وما وعد به من ثوابه، وتوعّد به من عقابه، ومُلْكه للأشياء في الضُرّ والنَّفْع، والإعطاء والمنع، والدوام والبقاء، هابوا الله عزّ وجلّ وأجَلُّوه، واستحيوا الله وعبدوه، وخافوا الله وراقبوه، وذلك لِمَا فقهوا عنه من عظمته وجلاله، وعظِيم ربوبيّته، وَلِحَقِّ ما فقهوا عن الله عزّ وجلّ بقلوبهم فأَزعجها، وعن جميع مكاره الله باعدَها، وعلى ما يرضيه حركها وأذابها، ومن مخالفته أَوْجَلها وأَرْهبها، فعند ذلك أضافهم الله عزّ وجلّ إلى نفسه فيمن شهد لها بالإلهية، فقال: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلاَّ هُوَ والْمَلائِكَة وَأُولُوا الْعِلْم قائِماً بِالْقِسْطِ} "٣"، ثم رفعهم على جميع خَلْقه فقال: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُم وَالَّذِينَ أُوْتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات} "٤"، وقال: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَن نَّشَاء} "٥" قيل: بالعلم. فَهُمْ صفوةُ الله من عباده، وأهل نوره في بلاده. اصْطَفاهم اللهُ لعِلْمه، واختارهم لنفسه، وعرَّفهم حقه، ودلّهم على نفسه، فأقام بهم حجته، وجعلهم قوّامين بالقسط ذُبّاباً عن


(١) ٩٧: الأنعام: ٦.
(٢) ٩٨: الأنعام: ٦.
(٣) ١٨: آل عمران: ٣.
(٤) ١١: المجادلة: ٥٨.
(٥) ٧٦: يوسف: ١٢.

<<  <   >  >>