فإن النفس في هذه الأحوال تعود تلقائيا إلى سجيتها، وتنكشف لك حقيقتها، فأما المخلص لله فإن إخلاصه يمنعه من الخروج عن طاعة الله، مهما كانت حاله، ومهما كانت ظروفه، وأما من فقد الإخلاص أو ضعف عنده الإخلاص، فإنه يستجيب لمطالب هواه، ونفسه الأمارة بالسوء، ويقع أسيراً لظرفه. والأمر يحتاج إلى مراقبة ومجاهدة. وقد جاء في أوصاف المنافق:" ... وإذا خاصم فجر""١".
٢٢- من علامات الإخلاص، أن تحاسب نفسك على مقدار الجهد والهم والتفكير الذي تبذله ابتغاء وجه الله تعالى والدار الآخرة، في مقابل ما تبذله لمطالب الدنيا البحتة -وإن أردت بها النية الصالحة- وأن تحاسب نفسك على مقدار ما تبذله من جهد، وهم، وتفكير، في نصرة الإسلام والمسلمين، والدعوة إلى هذا الدين، في مقابل ما تبذله من ذلك لمطالبك الخاصة.
والقاعدة الصحيحة، والتي لا يشك فيها مؤمنان -ولو نظرياً، لا عملياً- هي: أن الحياة الآخرة هي الحياة، وأن الحياة الدنيا في مقابلها ليست بشيء، وإنما هي متاع الغرور.
وعلى هذا الأساس تستطيع أن تتعرف على نفسك، وعلى حقيقة إخلاصك ودرجته، وذلك بالنظر إلى الذي أخلصت له عملك أكثر،